لسنوات، نهبت مليشيا الحوثي رواتب المعلمين في اليمن، وقامت ببناء خزائن لهذا الغرض، قبل أن تنقلب عليها وتكشف فساد حركة المعلمين.
ولم تدرك مليشيات الحوثي أن هذه الحقوق التي تحتقرها ستأتي بنتائج عكسية بعد أن أصبحت احتجاجات المعلمين السلمية مثيرة للقلق بالنسبة للحوثيين، ووجدوا أنفسهم الآن تحت وطأة الضغوط المحلية والدولية.
وهذا ما أكدته بالفعل وزارة التربية والتعليم في الحكومة اليمنية المعترف بها دولياً، فضلاً عن خبراء مختصين في الشؤون الاقتصادية تحدثوا لـ«العين الإخبارية» حول أوضاع المعلمين في مناطق سيطرة مليشيا الحوثي الإرهابية.
نهب الأجور
قال وكيل وزير التربية والتعليم اليمني الدكتور علي العباب إن الحديث عن المعلمين في مناطق سيطرة الحوثيين يعني الحديث عن مأساة وجريمة انتهكت حقوق هؤلاء المعلمين الذين انقطعت رواتبهم منذ دخول الحوثيين إلى البلاد. العاصمة صنعاء.
وقال الدكتور العباب لـ”العين الإخبارية”، عن تراجع جماعة الحوثي عن اتفاقياتها مع الحكومة الشرعية، وآخرها اتفاق ستوكهولم، الذي ينص على دفع رواتب المعلمين وجميع موظفي الدولة من إيرادات الحكومة. ميناء الحديدة، لكن هذه الجماعة تراجعت كالعادة عن كافة الاتفاقيات الموقعة سابقاً.
وأشار إلى أن مليشيا الحوثي أنشأت صندوقاً باسم “صندوق دعم التعليم” عام 2019. وجمعت لهذا الصندوق مبالغ كبيرة لدفع رواتب المعلمين وتسيير العملية التعليمية، لكنهم جمعوا المليارات داخل الصندوق. ولم ينفق إلا الفتات على المعلمين.
وقال المسؤول اليمني إن مليشيا الحوثي نهبت أموال هذا الصندوق.
إزالة المعلمين
وأشاد المسؤول الحكومي اليمني بتحركات المعلمين ورد فعلهم على غطرسة الحوثيين وإنكارهم لحقوقهم، وقال: في الآونة الأخيرة تحرك المعلمون وأنشأوا “نادي المعلمين” للمطالبة بحقوقهم، لكن غطرسة الحوثيين واستمر في قمعهم. المعلمين من خلال اعتقال رئيس النادي وتهديد الأمين العام واعتقال العشرات من المعلمين. ملاحقة كل ناشط يتحدث عن هذا الحق الذي كفله له القانون والدستور.
وقال نائب وزير التربية والتعليم إن هذا الاستكبار زاد من إصرار كافة المعلمين على الإضراب الشامل، وهو ما أدى إلى شل جميع المدارس في المحافظات التي يسيطر عليها الحوثيون بنسبة 90 بالمئة، وأن هناك أكثر من 200 ألف معلم وإداري ومرشد من الرجال والنساء. . الذي دخل في إضراب في التعليم.
ووصف الدكتور العباب تحركات المعلم بـ”المؤلمة” للحوثيين وقوضت قوتهم، وربما يؤدي هذا الاضطراب إلى خضوع المليشيات لوسطاء في الشأن اليمني لحل هذه القضية بشكل كامل.
وأكد العباب أن المعلمين على حق وأن صاحب هذا الحق ما زال قوياً وأن الإضراب سيستمر وأن القضية قد تتطور إلى احتجاجات للمعلمين يطالبون بحقوقهم على مرأى ومسمع من العالم، ولعل الحوثيين يشاهدون لهم من خلال هذه الإيرادات التي تصل إلى صندوق دعم التعليم، والذي تم استخدامه بالكامل لصالح الميليشيات.
وأشار الدكتور العباب إلى أن مجلس النواب غير المعترف به في مناطق الحوثيين طالب بإيقاف هذا الصندوق لأنه صندوق فاسد ويغذي الفاسدين. وبالتالي، هناك ضغوط قوية على مجلس النواب وتم إيقافه عن الاجتماعات لأنه بدأ يتحدث صراحة عن حقوق المواطنين، وخاصة المعلمين.
وقال نائب وزير التربية والتعليم، في ختام حديثه لـ العين الإخبارية، إن مليشيا الحوثي يجب أن تدفع كافة رواتب المعلمين وعليها العمل على إنهاء انقلابها واحتلالها للعاصمة صنعاء وبقية المناطق. دولة. المحافظات، وترك المجال للدولة الشرعية لتتصرف بكافة الحقوق سواء للمعلمين أو لبقية القطاعات الأخرى.
أعظم المعاناة
وحول سبل العيش، يرى الخبير الاقتصادي اليمني وأستاذ الاقتصاد في جامعة تعز الدكتور محمد قحطان، أن المعلمين في مناطق الحوثيين هم الأكثر معاناة بسبب انقطاع خدمات رواتب موظفي الدولة منذ عام 2016 حتى اليوم. .
وقال الدكتور قحطان لـ”العين الإخبارية”، إن الحكومة الشرعية استأنفت دفع رواتب الموظفين في المناطق الخاضعة لسيطرتها بشكل منتظم منذ الإعلان عن انتقال البنك المركزي من صنعاء إلى العاصمة المؤقتة عدن. في عام 2017، وظل موظفو الدولة في المناطق التي يسيطر عليها الحوثيون بدون رواتب.
ويضيف: نظراً إلى أن المعلمين اضطروا للعمل دون أجر، زادت معاناتهم عاماً بعد عام، حتى فقدوا الأمل في استئناف دفع الرواتب بسبب تعنت مليشيا الحوثي وتبريراتها المستمرة التي لم تعد تقنع المعلمين. .
وتبريرات الحوثيين الواهية ترفع بين الحين والآخر مطالب المعلمين، مقابل قمعهم العنيف من قبل الحوثيين، بحسب الدكتور قحطان.
ويشير إلى أن معاناة المعلمين المتزايدة دفعتهم إلى التوحد وتشكيل ما يسمى بنادي المعلمين، وبدأت أصواتهم ترتفع مع بعض الفعاليات الاحتجاجية السلمية، كالإضراب الذي تزامن مع بداية العام الدراسي الحالي. .
ويتابع: وقد مارس ذلك ضغوطا غير مسبوقة على الحوثيين، وبدأت احتجاجات المعلمين تصل إلى مستويات عالية وواسعة النطاق بين المواطنين وشخصيات السلطة ومختلف فئات المجتمع، بما في ذلك البرلمانيين والشخصيات السياسية والاجتماعية المؤثرة، لتصل إلى دول الجوار والعالم الخارجي. .
ويؤكد الخبير الاقتصادي أن ذلك أدى إلى انكشاف معاناة المعلمين بشكل صارخ، وهو ما فضح حجج الحوثيين وكشف الطبيعة الاستبدادية والقسرية التي يمارسها على من يعملون تحت سيطرتهم في مؤسسات الدولة التي يسيطرون عليها في بلادهم. مناطق النفوذ.
ورغم كل ذلك، واصلت مليشيا الحوثي نفي الاتهامات والمبررات للتهرب من دفع الأجور. وأدى ذلك إلى تنامي الدور الإقليمي والدولي في التعامل مع المشكلة، وتحول تحركات المبعوثين الأممي والأمريكي إلى ضغوط من عدة دول ومنظمات أمرت الحوثيين بالاستجابة لمطالب المعلمين وغيرهم من موظفي الدولة من القطاع الخاص. لاستلام رواتبهم.
ويرى الدكتور قحطان، في نهاية حديثه لـ”العين الإخبارية”، أن هذا الحراك والضغوط الأممية والدولية يجب أن يكون له تأثير فوري. ولمعالجة مشكلة حرمان الموظفين من رواتبهم الشهرية، من المتوقع أن يستعيد المعلمون وغيرهم من موظفي الدولة حقوقهم قريباً.
تجدر الإشارة إلى أن 160 ألف معلم في مناطق سيطرة الحوثيين شمالي اليمن تعرضوا لخفض إجمالي رواتبهم منذ عام 2016، فيما تم نقل أكثر من 23 ألف معلم إلى مناطق الحكومة اليمنية، بحسب تقارير حقوقية. .